كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فصل: الموطن الثاني والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم:
قال أبوا الشيخ: حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا بشر بن عبيد، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب».
قال أبو موسى: رواه غير واحد عن أسيد كذلك. قال: ورواه إسحاق بن وهب العلاف، عن بشر بن عبيد فقال: عن حازم بن بكر، عن يزيد بن عياض، عن الأعرج. ويروى من غير هذين الوجهين أيضًا عن الأعرج.
وفي الباب عن أبي بكر الصديق، وابن عباس، وعائشة، رضي الله عنهم.
وروى سليمان بن الربيع، حدثنا كادح بن رحمة، حدثنا نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب»وروي من طريق جعفر بن علي الزعفراني قال:سمعت خالي الحسن بن محمد يقول: رأيت أحمد بن حنبل في النوم، فقال لي: «يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب كيف تزهر بين أيدينا؟».
وقال أبو الحسن بن على الميموني: «رأيت الشيخ أبا علي الحسن بن عيينة في المنام بعد موته، وكان على أصابع يديه شيئًا مكتوبًا بلون الذهب أو بلون الزعفران، فسألته عن ذلك، وقلت: يا أستاذي على أصابعك شيئًا مليحًا مكتوبًا، ما هو؟ قال: يا بني! هذا لكتابتي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال لكتابتي صلى الله عليه وسلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وذكر الخطيب: حدثنا مكي بن علي، قال: حدثنا أبو سليمان الحراني، قال: قال رجل من جواري يقال له أبو الفضل وكان كثير الصوم والصلاة: كنت أكتب الحديث ولا أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيته في المنام، فقال: إذا كتبت أو ذكرت فلم لا تصلي علي؟ ثم رأيته مرة من الزمان، فقال: بلغني صلواتك علي، فإذا صليت علي أو ذكرت، فقل: صلى الله عليه وسلم، وقال سفيان الثوري: لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصلي عليه ما دام في ذلك الكتاب صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن أبي سليمان: رأيت أبي في النوم، فقلت: يا أبت! ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقلت: بماذا؟ قال: بكتابتي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض أهل الحديث: كان لي جار فمات، فرؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي؟ قيل: بماذا؟ قال: كنت إذا كتبت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث كتبت: صلى الله عليه وسلم.
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا خلف صاحب الخلقان، قال: كان لي صديق يطلب معي الحديث فمات، فرأيته في منامي وعليه ثياب خضر يجول فيها، فقلت: ألست كنت معي تطلب الحديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفلة صلى الله عليه وسلم، فكافأني ربي هذا الذي ترى علي؟ وقال عبد الله بن عبد الحكم: رأيت الشافعي في النوم، فقلت. ما فعل الله بك؟ قال: رحمني وغفر لي وزفني إلى الجنة كما تزف العروس، ونثر علي كما ينثر على العروس، فقلت: بم بلغت هذه الحال؟ فقال لي قائل: يقول لك بما في كتاب الرسالة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: فكيف ذلك؟ قال: وصلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون. قال: فلما أصبحت نظرت في الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت: النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الخطيب: أنبأنا بشير بن عبد الله الرومي، قال: سمعت الحسين بن محمد بن عبيد العسكري وقال الخطيب: أنبأنا بشير بن عبد الله الرومي، قال: سمعت الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، يقول: سمعت أبا إسحاق الدرامي المعروف بنهشل، يقول: كنت أكتب الحديث في تخريجي للحديث: قال: النبي صلى الله عليه وسلم تسليمًا. قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فكأنه قد أخذ شيئًا مما أكتبه فنظر فيه، فقال: هذا جيد.
وقال عبد الله بن عمرو: حدثني بعض إخواني ممن أثق به، قال: رأيت رجلًا من أهل الحديث في المنام، فقلت: ماذا فعل بك؟ قال: رحمني أو غفر لي. قلت: وبم ذلك؟: قال: إني كنت إذا أتيت على اسم النبي صلى الله عليه وسلم كتبت صلى الله عليه وسلم.ذكرها محمد بن صالح، عن ثوابة، عن سعيد بن مروان، عنه.
وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه: عن جماعة من أهل الحديث، أنهم رءوا بعد موتهم، وأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث.
وقال ابن سنان: سمعت عباس العنبري، وعلي بن المديني، يقولان: ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه، وربما عجلنا، فنبيض الكتاب في كل حديث حتى ترجع إليه.
فصل: الموطن الثالث والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عند تبليغ العلم إلى الناس:
قال إسماعيل بن إسحاق في كتابه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي هو الجعفي عن جعفر بن برقان، قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أما بعد فإن أناسًا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن من القصاص من قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعوا ما سوى ذلك.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن، لأنه موطن لتبليغ العلم الذي جاء به ونشره في أمته، وإلقائه إليهم، ودعوتهم إلى سننه وطريقته صلى الله عليه وسلم، وهذا من أفضل الأعمال وأعظمها نفعًا للعبد في الدنيا والآخرة.قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت: 33، وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف: من الآية 108، وسواء كان المعنى أنا ومن اتبعني يدعو إلى الله على بصيرة، أو كان الوقف عند قول: أدعو إلى الله ثم يبتدئ: على بصيرة أنا ومن اتبعن فالقولان متلازمان، فإنه أمره سبحانه أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى الله، فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله ولا هو على بصيرة ولا هو من أتباعه.
فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم والناس تبع لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه، وضمن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه وتبليغهم له، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثًا. وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، ولأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه.
وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له، قال: الحمد لله الذي أمتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه وضال تائه قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد فما أحسن أثرهم على الناس وأبح أثر الناس عليهم، يقبلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسبهم ربك:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} مريم: من الآية 64، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم. فلا تقصر عنهم فإنهم في منزلة رفيعة إن أصابتهم الوضيعة.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليًا من أوليائه يذب عنها وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن، وتوكلوا على الله.
ويكفي في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من أحيا شيئًا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وضم بين أصبعيه. وقوله: من دعا إلى هدى فاتبع عليه، كان له مثل أجر من تبعه إلى يوم القيامة.
فمتى يدرك العامل هذا الفضل العظيم والحظ الجسيم بشيء من عمله، وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فحقيق بالمبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أقامه الله في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى، والثناء عليه، وتمجيده، والاعتراف له بالوحدانية وتعريف حقوقه على العباد، ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمجيده، والثناء عليه، وأن يختمه أيضًا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تسليمًا.
فصل: الموطن الرابع والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
أول النهار وآخره:
قال الطبراني: حدثنا حفص بن عمر الصباح، حدثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني إبراهيم بن محمد بن زياد الألهاني، قال: سمعت محمد بن معدان يحدث عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة.
قال أبو موسى المدين، رواه عن بقية غي واحد، ويزيد عبد ربه كان يسكن بحمص قرب كنيسة جرجس، فنسب إليها.
فصل: الموطن الخامس والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه:
قال ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي: حدثنا الحسن بن البزار، حدثنا شبابة، حدثنا مغيرة بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لوا علي فإن الصلاة علي كفارة لكم، فمن صلى علي صلى الله عليه عشرًا».
وقال ابن أبي عاصم في كتابه: حدثنا محمد بن أشكاب، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الفضل بن عطاء، عن الفضل بن شعيب، عن أبي منظور، عن ابن معاذ، عن أبي كاهل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات، وكل ليلة ثلاث مرات حبًا وشوقًا إلي، كان حقًا على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة، وذلك اليوم.
وقال أبو الشيخ في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا عبد ابن محمد بن نصر، حدثنا إسماعيل بن يزيد، قال: حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع بن كعب المدني، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم» ورواه ابن أبي شيبة، عن ابن فضيل، عن ليث، عن كعب، عن أبي هريرة.
فهذا فيه أخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة، والذي قبله فيه أنها كفارة، وهي تتضمن محو الذنب، فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها، وإلى هذه الأمرين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم.
فصل: الموطن السادس والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عند إلمام الفقر والحاجة، أو خوف وقوعه:
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة، حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر بن خلفة، عن جابر بن سمرة السوائي، عن أبيه، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: «يا رسول الله ما أقرب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، قلت: يا رسول الله زدنا؟ قال: قال: صلاة الليل، وصوم الهواجر. قلت: يا رسول الله زدنا. قال: كثرة الذكر، والصلاة علي تنفي الفقر. قلت: يا رسول الله زدنا. قال: من أم قومًا فليخفف فإن فيهم الكبير، والعليل، والضعيف، وذا الحاجة».
فصل: الموطن السابع والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عند خطبة الرجل المرأة في النكاح:
قال إسماعيل بن أبي زياد: عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب: من الآية 56، قال: يعني أن الله تعالى يثني على نبيكم ويغفر له، وأمر الملائكة بالاستغفار له يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه أثنوا عليه في صلاتكم وفي مساجدكم، وفي كل موطن، وفي خطبة النساء فلا تنسوه.
فصل: الموطن الثامن والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
عند العطاس:
قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن نافع، قال: رأيت ابن عمر وقد عطس رجل إلى جنبه فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، فقال ابن عمر: وأنا أقول السلام على رسول الله، ولكن ليس هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرنا أن نقول إذا عطسنا: الحمد لله على كل حال.
قال الطبراني: لم يروه عن سعيد إلا الوليد، تفرد به سهل.
ورواه الترمذي عن حميد بن مسعدة، حدثنا زياد بن الربيع، حدثنا حضرمي مولى آل الجارود، عن نافع، أن رجلًا عطس إلى جنب ابن عمر فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله. قال ابن عمر: وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: الحمد لله على كل حال.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زياد بن الربيع.
قال أبو موسى المديني: وروي عن نافع أيضًا، عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف ذلك، ثم ساق من طريق عبد الله بن أحمد، حدثنا عباد بن زياد الأسدي، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن نافع، قال: عطس رجل عند ابن عمر فقال له ابن عمر: لقد بخلت، هلا حيث حمدت الله تعالى صليت على النبي صلى الله عليه وسلم؟. فذهب إلى هذا جماعة، منهم أبو موسى المديني، وغيره.
ونازعهم في ذلك آخرون، وقالوا: لا تستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند العطاس، وإنما هو موضع حمد الله وحده، ولم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم عند العطاس إلا حمد الله تعالى. والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، فلكل ذكر موطن يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه.
قالوا: ولهذا لا تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الركوع ولا السجود، ولا قيام الاعتدال من الركوع، وتشرع في التشهد الأخير، إما مشروعية وجوب أو استحباب، ورووا حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تذكروني عند ثلاث: عند تسمية الطعام، وعند الذبح، وعند العطاس»، وهذا الحديث لا يصح، فإنه من حديث سليمان بن عيسى السجزي، عن عبد الرحيم بن زيد العمي، عن كثير، عن عويد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، وله ثلاث علل:
إحداها: تفرد سليمان بن عيسى به، قال البيهقي: وهو في عداد من يضع الحديث.
الثانية: ضعف عبد الرحيم العمي.
الثالثة: انقطاعه.
قال البيهقي: وقد روينا في الصلاة عند العطاس: ما أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا عبد الله الصفار حدثنا عبد الله ابن أحمد، حدثنا عباد بن زياد، فذكر الأثر المتقدم.
فصل: الموطن التاسع والعشرون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
بعد الفراغ من الوضوء:
قال أبو الشيخ في كتاب: حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شبيب، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا محمد بن جابر، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة».
هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعقبة بن عامر وثوبان، وأنس، ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا في هذه الرواية.